لقد ظل الاستثمار المسؤول جزءاً أساسياً من نهج عمل مبادلة طوال مسيرتها الطويلة حتى أصبحت اليوم في طليعة المستثمرين العالميين.
وخلال رحلة مبادلة الممتدة لأكثر من عقدين من الزمن، ظللنا حريصين على تحقيق مهمتنا المتمثلة في تحقيق عوائد مالية مستدامة للجهة المالكة، وعملنا أيضاً على أن يكون لنا تأثير إيجابي في المجتمعات التي نستثمر فيها من أجل مستقبل أفضل للأجيال القادمة. واليوم يواجه العالم تحديات عديدة ومتنوعة، لعل أبرزها تحديات التغير المناخي، حيث تؤكد المصادر العلمية جديّة المخاطر المرتبطة بتغير المناخ، خصوصاً على ضوء المعدل الحالي للانبعاثات الضارة، والذي يعني، في حال استمراره، أنه يتبقى لدينا أقل من 9 سنوات للعمل بصورة حاسمة للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري ومنع ارتفاع درجة حرارة الأرض أكثر من 1.5 درجة.
ومع تزايد المخاطر المتعلقة بالتغير المناخي مع مرور الوقت، هناك حاجة ملحّة لاتخاذ إجراءات عاجلة للتخلص من الانبعاثات الكربونية، والعمل من أجل مستقبل مستدام. وفي الوقت الذي نواصل فيه في مبادلة العمل على تحقيق مهمتنا الأساسية، تظل أولوياتنا هي الاستثمار المسؤول وإدراج الاعتبارات البيئية والاجتماعية والحوكمة المؤسسية في أعمالنا وقرارتنا الاستثمارية، علاوة على إضفاء الطابع المؤسسي على نهج الاستثمار المسؤول في جميع أعمالنا. وهذا أمر منطقي من الناحية التجارية، إذ يساعد على تحقيق عوائد مالية أقوى ويمكّن في الوقت ذاته من تحقيق تأثير إيجابي على المجتمعات، وهو نهج مدروس للغاية ويتسم بالعملية والواقعية.
وفي هذا العام الذي تقرر أن يكون عاماً للاستدامة في دولة الإمارات، تستعد الدولة لاستضافة فعاليات مؤتمر المناخ "كوب 28"، ونحن في مبادلة ملتزمون بالقيام بواجبنا لإنجاح هذا المؤتمر العالمي، والأهم من ذلك ملتزمون بالمساهمة في الجهود العالمية الرامية لتحقيق التطلعات المناخية. كما ندعم جهود دولة الإمارات لاستضافة وإنجاح فعاليات هذا الحدث العالمي المرموق، والعمل مع أكثر الشركاء نفوذاً في العالم للمساعدة في إيجاد حلول لأحد أكبر التحديات في عالم اليوم.
تؤمن مبادلة بأن إدراج الاعتبارات والعوامل البيئية والاجتماعية والحوكمة المؤسسية في قراراتها الاستثمارية، مرتبط بشكل أساسي بقدرتها على خلق قيمة طويلة الأجل على مستوى محفظة أعمالها والشركات والأصول التابعة لها. ونتيجة لذلك، فإن الاستثمار المسؤول ضرورة لتحقيق مهمتنا الرئيسية المتمثلة في تحقيق عوائد مالية مجزية ومستدامة ومحسوبة المخاطر على المدى الطويل، مع سعينا لإحداث تأثير إيجابي وبناء مستقبل مستدام.
يستند نهجنا في مجال تضمين القضايا البيئية والاجتماعية والحوكمة المؤسسية في عملية إدارة قراراتنا الاستثمارية إلى سياسة الاستثمار المسؤول التي أطلقناها في يونيو 2021، وتعد هذه السياسة بمثابة إطار عمل يحدد نهجنا المؤسسي على مستوى المجموعة، علاوة على كونه معياراً للجهود والاعتبارات البيئية والاجتماعية والحوكمة المؤسسية، ومراقبة الأداء، وتدريب وتطوير موظفينا في هذا المجال، وإدارة العلاقة مع أصحاب المصلحة، إضافةً لأنشطة الاتصالات المؤسسية في مجال القضايا البيئية والاجتماعية والحوكمة المؤسسية.
لقد حققنا في عام 2022 تقدماً كبيراً في تنفيذ سياسة وإطار عمل الاستثمار المسؤول. وفيما يلي أمثلة توضح التقدم الذي أحرزناه:
تعزيز عمل وحدة الاستثمار المسؤول:
تطوير إطار عمل الاستثمار المسؤول:
إشراك شركات المحفظة في الجهود الخاصة بمواجهة تحديات تغير المناخ:
التقدم في جهود إدارة الكربون:
تعزيز جهود التوعية:
جهودنا وأنشطتها:
سنواصل العمل على تعزيز ودمج الاعتبارات البيئية والاجتماعية والحوكمة المؤسسية في عملية اتخاذ القرارات الاستثمارية لدينا، والاستفادة من حضورنا العالمي واسع الانتشار ونهج الشراكات المتبع لدينا، لتعزيز دورنا وحضورنا كمستثمر عالمي مسؤول، يدعم إدراج الاعتبارات البيئية والاجتماعية والحوكمة المؤسسية في القرارات الاستمارات والاستثمار المسؤول.
توظيف رؤوس الأموال لمواجهة التحديات العالمية
قبل نحو خمس سنوات، أطلق الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مبادرة جمعت تحت مظلتها مجموعة من صناديق الثروة السيادية بهدف إيجاد إطار عمل مشترك ضمن اتفاقيات باريس للمناخ. ومنذ ذلك الحين، توسعت شبكة صناديق الثروة السيادية (الكوكب الواحد) لتشمل أكثر من 45 جهةً من أكبر وأبرز المؤسسات والجهات الاستثمارية في العالم، بما في ذلك صناديق الثروة السيادية وشركات إدارة الأصول وشركات الأسهم الخاصة، حيث تمتلك وتدير هذه الجهات مجتمعةً، استثمارات وأصول تربو على 37 تريليون دولار.
وفي أكتوبر 2022 استضافت أبوظبي القمة السنوية الخامسة للرؤساء التنفيذيين لصناديق الثروة السيادية. وكانت تلك أول قمة تعقد لأول مرة خارج قصر الإليزيه في فرنسا، وجاءت تقديراً لجهود أبوظبي في مجال مواجهة تداعيات التغير المناخي، خصوصاً مع استعداد دولة الإمارات لاستضافة مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخCOP28 ، حيث يمثّل أعضاء شبكة صناديق الثروة السيادية (الكوكب الواحد) جزءاً كبيراً من الاقتصاد العالمي، مما يتيح لهذه الشبكة لعب دور رئيسي ومهم في دعم جهود الانتقال لمستقبل منخفض الكربون.
وقد بادرت مبادلة وجهاز أبوظبي للاستثمار باستضافة القمة، سعياً منهما لتعزيز ودعم الجهود الرامية للحد من آثار التغيّر المناخي، من خلال الدعوة إلى الحوار والتعاون البنّاء عبر شبكة صناديق الثروة السيادية العالمية (الكوكب الواحد)؛ التي تلعب دوراً مهماً في توجيه المشهد الاستثماري على مستوى العالم.
إن العالم اليوم بحاجة إلى ابتكار وتطوير مصادر بديلة للطاقة، والمواد، والمواد الاستهلاكية من أجل مستقبل مستدام. ويعد تحوّل الطاقة وتسريع وتيرة تطوير مصادر الطاقة المتجددة والهيدروجين النظيف من التحديات الحيوية التي تواجه العالم، وهي مسيرة تتطلب عملاً منظماً ومسؤولًا، يعتمد النجاح فيها بشكل أساسي على تضافر الجهود الجماعية المشتركة.
وقد باتت صناديق الثروة السيادية اليوم مهيئة بشكل كبير للقيام بهذا الدور الحيوي، ولتكون أداة فاعلة لإحداث التغيير المطلوب، فنهج الاستثمار طويل الأمد المتبع من قبل هذه الصناديق والمؤسسات الاستثمارية، يتناسب تماماً مع الجهود الدؤوبة التي تتطلبها مواجهة التحديات الكبرى مثل تغيّر المناخ.
ركز أعضاء شبكة صناديق الثروة السيادية على ثلاثة محاور رئيسية:
يتعلق المحور الأول بالشركات الخاصة، حيث تمتلك وتدير صناديق الثروة السيادية معاً ما يقرب من ستة عشر في المائة من أصول الشركات الخاصة العالمية، الأمر الذي يوفر فرصة مثالية لتطوير نوعية وكمية البيانات والمعلومات المتعلقة بالمناخ. ويدرك أعضاء شبكة صناديق الثروة السيادية أن توفر البيانات الأساسية ضرورة لازمة لاتخاذ قرارات استثمارية مدروسة تأخذ بعين الاعتبار المخاطر والفرص المتعلقة بتغير المناخ.
ويعد الهيدروجين النظيف مجالاً مهماً آخر من المجالات التي تركز عليها شبكة صناديق الثروة السيادية، فضلاً عن كونه أولوية لدى حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة. إذ يُنظر إلى الهيدروجين وعلى نطاق واسع، على أنه ركن أساسي في عملية تحوّل الطاقة، ويمكن استخدامه كوقود عديم الانبعاثات أو ناقل طاقة متعدد الاستخدامات، أو أحد حلول التخزين المرنة مع تطبيقات متعددة ضمن الاقتصاد الكلي، مما يسهم في استكمال وتعزيز جهود التحول الكهربائي في قطاعات مثل النقل، وتكنولوجيا الانبعاث الصفرية الأخرى. وقد عملت شركة مبادلة للاستثمار مع شركة بترول أبوظبي الوطنية "أدنوك" وشركة القابضة ADQ على تأسيس ائتلاف أبوظبي للهيدروجين؛ الذي يهدف إلى ترسيخ مكانة دولة الإمارات في مجال الهيدروجين وبناء اقتصاد هيدروجين أخضر متين.
أما المحور الثالث من أعمال القمة فقد ركّز على الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة في الأسواق الناشئة والنامية، حيث توجد فرص كبيرة للحد من آثار التغير المناخي مع الاقتصادات النامية أيضاً. ويتطلع أعضاء شبكة صناديق الثروة السيادية لزيادة استثماراتهم في مصادر الطاقة المتجددة في تلك الأسواق في حال تم وضع السياسات المناسبة وتوفير الحوافز الملائمة، كما أن النجاح في توفير الممكّنات الأساسية من شأنه زيادة تدفق التمويلات من قطاعات خاصة أخرى.
وتفخر مبادلة بالمساهمة بدور فاعل مع المؤسسات والجهات المالية والاستثمارية العالمية، لإيجاد أرضية مشتركة لبناء مستقبل مستدام.
خلال قمة المناخ "كوب27" التي استضافتها جمهورية مصر العربية بشرم الشيخ، رعت مبادلة قمة "بلومبرغ الخضراء" والتي شارك فيها قادة الأعمال والاقتصاد والسياسة والمؤسسات الأكاديمية والمنظمات غير الحكومية، في حوارات ركزت على وضع استراتيجيات عملية للتعاون بين مختلف القطاعات في القضايا ذات الصلة بالمناخ. ووفرت تلك القمة منبراً مهماً لنقاشات تركز على الخطوات العملية التي ينبغي اتخاذها، وقد سنحت الفرصة لأحمد الكليلي، الرئيس التنفيذي للاستراتيجية والمخاطر في مبادلة، لعرض النهج الذي تتبعه مبادلة فيما يتعلق بالاستثمار المسؤول. وقد أشار الكليلي في حديثه إلى أن الاستثمار المسؤول وتحقيق عوائد للأجيال القادمة من المرتكزات التي تقوم عليها مبادلة. وتطرق في حديثه إلى دراسة المستقبل المستدام التي أجرتها مجموعة بلومبرغ الإعلامية، والتي أظهرت أن 85% من أصحاب القرار في مؤسسات الأعمال التي شملها المسح يعتقدون بأن تضمين الاعتبارات البيئية والمجتمعية ومبادئ الحوكمة المؤسسية في عملية الاستثمار من شأنه تحسين العوائد الإجمالية، فيما أكد 79% منهم إلى أن الاستثمار المستدام من الاعتبارات المهمة بالنسبة لديهم في عملية الاستثمار.
كما تحدث ديريك روزيكي، رئيس وحدة الاستثمار المسؤول، عن جهود مبادلة الرامية لتطوير أدوات لاستيعاب الاستثمار المسؤول ضمن دورة حياة المشاريع الاستثمارية. وتناول في حديثه مساهمات مبادلة في توظيف الاستثمارات في مجال الطاقة النظيفة في الأسواق الناشئة وأشار في هذا الصدد إلى النهج الذي تتبعه مصدر والمتمثل في العمل مع الحكومات لتأسيس صيغ تعاقدية وإنجاز صفقات رائدة تصلح كنموذج لتنفيذ مشاريع جديدة للطاقة المتجددة في ذلك السوق. وضمن إطار الاستثمار المسؤول، تعمل مبادلة أيضاً مع مبادرة صناديق الثروة السيادية "الكوكب الواحد"، حيث تم تحقيق تقدم كبير بالاتفاق على التركيز على الاستثمارات الخاصة التي تشكل 75% من السوق ولا تقدم أي معلومات عن بصمتها المناخية. وفي هذا السياق، بادرت مبادلة والمشاركون في مبادرة الكوكب الواحد، بتشجيع الشركاء على تقديم معلومات عن البصمة الكربونية للشركات التابعة لهم لعام 2023.